سحرك لا ينسى
سحرك لا ينسى، ومزاريب الماء تعطي للمكان طمأنينته وسكينة في النفوس ، الليل الصامت إلا من نقيق الضفاضع يخبرك بروعة المكان وقدسيته.جلست أتأمل المكان وأتعبد في محرابه ، أتلمس نسيمات قادمة من بساتينها الغنّاء ورياحينها المنتشره في كل مكان.
أنا أعرف بوحها وأسمعه وهي تعرفني، بهجة ساحة العين المعهودة لا تزال كما هي، وهي التي كانت الحاضنة لأهل قريتي بالسرّاء والضراء، هنا كانت تعقد حلقات الدبكة والفرح يملأ المكان، وتتسابق الصبايا على حلقاتها، وكل عشيق يبحث عن عشيقته والصبايا يتهامسن برقة وحياء، وعيون العاشقين تنتقل بينهن وكأنها تبحث عن شيئ مفقود، هناك التقينا في سكون الليل، هناك اشتعل الصبا واسترحت في ظلها كطفل صغير يحنو الى صدر أمه، هناك التقينا، هناك زغردت العصافير فوق رؤوسنا ورائحة التين والصبار تملأ المكان جلست أتأمل أشعلت سيكارتي وأخذت منها نفساً عميقاً يعبر عن أحزان متراكمة منذ عشرات السنين ، هناك كان فلاح يملأ الأرض بخطواته تتكسر تحت قدميه أوراق الخريف، وهنا صبية تتهادى برقة وغنج وفستانها المخملي يضيئ المكان ببريقه ، تلمست طريقي عائداً الى حي التضامن الذي وصفه أحد الأصدقاء يوماً بالسجن الكبير.
٣٠ / ٧ / ٢٠١٦
*********************
الــناي
طوبى لمن يعرف أسرارها، من يفهم لغتها، يعرف أسرار فيروز وأسرار جبال بلادي ووديانها.تحدثك عن ناسها الطيبين وعن وحشتها في ليالي الشتاء القارس، وعن راعٍ هي رفيقة دربه تحدثه عن أسرارها، ويحدثها عن حزن يطبق على صدره منذ سنين.
يا حارس الأغنام هل تسمع النايات وهي ترفع في ظلام الليل تراتيل السماء، تحكي حزن أجيال من بلدي كانوا يرقصون على صوت حزنها، رأيتهم.. رأيت شيوخ بلدي يبكون، رأيتهم حزانى، لا لشربة ماء ولا لعريٍ في الكساء، ولا لجوعٍ من طعام، بل لحزنٍ قديم.
ليالي السمر في منازل الكوانين، وناي تعزف، والصمت يملأ المكان، وحكايا الدبكات بين الصبايا وناي الراعي ترقص حزناً بين الفرح والفرح، ومواويل تبكي فرحاً بعد شقاء، وترسل صوتها بعيداً عن الناي.
نظر المغني بعيداً في المدى وفاض في الدمع، ونشر الحزن مع الريح فوق تلال الجولان، رائحة الصمت انتشرت في المكان، مات المغني ودفنت ناياه معه، الى أن يخرج الدخان الأبيض من كنيسة وجامع القنيطرة
٣ / ٨ / ٢٠١٧
*********************
عين فيت في الوثائق العثمانيه
عندما ضاقت سوريه بأهلها عام 2012 /2013 ، كنت اسمع حتى من الشباب الصغار أمنيات العودة الى القرية، وهذا يعني أن مهما طالت الغربه يبقى لعين فيت مكاناً في قلوب أبنائها والتاريخ الإفتراضي لعين فيت يبدأ مع الإحتلال العثماني لبلادنا والتوزع البشري على جغرافية عين فيت يمكن أن يحدد مراحل السكن فيها.بدأ السكن في عين فيت بالقرب من نبع الماء في حارة قديمة تسمى الحكر، وهو أقدم حاره في البلد والسكن في الحكر تم على مرحلتين، دار في الوسط وهي أقدم دار في البلد ومن خلال شكل البيوت الغارقة في القدم يدل على أنها السكن الأول للبشر في القرية، وهذا في القرن السادس والسابع عشر ثم بدأ التوسع حول هذه الدار من عائلات وافدة جديدة وظهر تطوراً جديداً في البناء، ولكن بقيت حارة الحكر هي السكن الوحيد في القرية وهو محصن بشكل يمنع قطاع الطرق من سرقة دوابهم، ويعتقد وحتى هذه الفتره لا يوجد علويون في عيفيت فيت حتى بدأت الهجرات الكبيرة في القرن السادس والسابع عشر وكان يوجد فيها جامع مبني من الحجر الأبيض، ومن العروف أنه لا يوجد حجر أبيض في الجولان وربما نقل الحجر من لبنان الى عين فيت، وبقي هذا الجامع قائماً حتى دمر في زلزال أصاب المنطقة وبقيت الحجارة في مكانها حتى نقلت لبناء مدرسة عين فيت في بداية القرن التاسع عشر علماً أن آباءنا تعلموا أصول القراءه والكتابة وحفظ القرآن في الجامع ، وحتى هذه الفترة الزمنيه لا يتجاوز عدد سكان عين فيت الثلاثين عائلة، وكلها تسكن داخل حارة الحكر التي تغلق بابها الكبير ليلاً، وبدأ التوسع في القرية مع الهجرات العلوية القادمة من حمص والساحل هرباً من بطش العثمانيين. وتوسعت القريه وأصبح هناك العديد من الدور في البلدة ومن أسمائها دار بيت شاهين ودار الحوش ودار النعسان وغيرها من الدور التي كانت تغلق أبوابها ليلآ وربما آخر من جاء الى عين فيت بيت حمدان حيث بنى آل الحسين بيتآ منفردآ لهم على الطرف الشمالي من النبع وتزعموا اهل القريه وحصلوا على لقب افندي من السلطة العثمانيه ومع بداية القرن العشرين توافد الى عين فيت عائلات سكنت الحاره الشمالية وجاءت هذه العائلات من عالقين والوازعية ومن شين وهي عائلات منفرده ،،،،يتبع
قرية عين فيت في الجولان السوري المحتل |
عين فيت، هل تعرفها ؟
عين فيت، أم القرى وعروس الجولان، من عاش فيها يوماً لن ينساها، إنها ربة الجمال وقصيدة شعر تزين صدر الجولان، تعبر الأحلام والذكريات كسلاسل الذهب المرصع بالزمر، كانت وكنا على موعد اللقاء، وفي كل صباح كان يتجدد موعدنا، ولم نكن نعلم ماذا يخبئ لنا القدر، وانطوى العمر ودخلنا خريفه، فلا الليل كما كان، ولم يبق سوى نتف من ذكريات، وبقايا صورة تاهت بين أشلاء الضحايا، فعبرت الأحلام فينا ولن تعود ..قتلت وبأي ذنب قتلت، سيدتي لاتظني نسيت ذكريات ربيعك الوهاج كشمسك التي كانت تودعك عند الغروب ومزمار الراعي الذي يعلن عودة القطيع، فهل ترجع للروح أحلامها الآفله، ضيعتي ياوردة فوق سفوح الجولان يالعصافير تصدح فوق ربوعك أجمل الألحان، لن ننساك مهما ضاقت بنا السبل، في كل زاوية فيك لنا حكايه وقصيدة عشق تموج في خيالنا، وإن عدت يومآ كطير مهاجر مع أسراب السنونو، أعيش عمري أفترش ثراك، وستظل حكايات الماضي على شفتي ما دمت حيآ أغنيها للأطفال ، أغرسها بأرض الحب والسلام أحلم يومآ أن تحمل الريح رماد مماتي لأمكث عند نبعك المعطاء وأسمع خرير مياهك لعل تعود الروح الى مبتها ،، ترى لمن أشجارك الخضراء تتمايل بمفاتنها وهل ما زالت الأزهار ترقص في بساتينك ،، لن ننسى
٥ /١١ /٢٠١٦
*********************
بالأمس ..
بالأمس دخلت المدرسة بالصف الأول الإبتدائي متأبطآ كيساً صغيراً من الخام وفي داخله وريقات متواضعة، واليوم تناثرت تلك الوريقات مع الريح، سرقها زمن غادر لا يأبه لأحلامك، وخلف تلك الأيام هرب العمر دون علم منا، وقتلت أحلامنا دون ذنب اقترفناه.وأحاول لململة ذكريات من صفحات عمر قد مضى، عشنا أيام تضج بالفرح والأمل ولم نكن نعلم أن صفحات كتابنا تقترب رويدآ رويدآ من نهايتها، وفجأة غادرتنا أيام وسنون وحلم الأماني ينحسر دون إنذار أو تنبيه
فجئت من ألم الجراح أخط كلماتي لتملأ النكسات صحائفي
وخاتمة أحزاننا ما فعل الزمان بهذه الأمة من تناحر وفرقة وفتنة وتمزقت أمتنا فرقآ ومات فيها الكبرياء وجراحها وغروب شمسها هتكت كل الستائر، وركعت على أقدام الطغاة، فتراكمت عليها المحن وتقطعت أوصالها ،قتلت عزتها وسبت حرائرها ضلالة جاهل وغواية فاجر.
٢٤ /١١ /٢٠١٧
*********************
فيروز..
فيروز والجبل والوادي والنهر وعين فيت وينابيعها ،وعندما تنام شمسها خلف الجليلفيروز وشباك العشاق والعصفور الطروب ،وحديث الراعي بصوت الناي وحزن الغروب حول القطيع
فيروز عندما تغني بلغة الطيور وتسرح في أماسي الفلاحين،وتصوغ لوحة يعجز عنها سادة الفنون ،فيروز وحقيبة المسافر وسرب الحمام وظلال الغصون
فيروز وعيد ميلادها 82 فتحية لإلهة الفرح والعمر المديد
٢٠ /١١ /٢٠١٧
*********************
الكارثة الكبرى ..
منذ أن قامت دولة العدو الصهيوني عام 1948 لم تجد هذه المنطقة يوماً من الراحة وكانت الكارثة الكبرى عام 1967، وكنا نحن أبناء الجولان ضحية الغباء العربي وعدم الإستعداد ليوم كيوم 6 حزيران فسقطت بلداتنا وقرانا خلال ساعات، واليوم نترقب الفيس بوك لعله يوصل الينا صورة من قريتي البهية الجميلة، ومن لايذكر بانياس السابحة في بحر أحلام نهرها وزعوره وجباتا الزيت الحارستان لسفوح الجولان الغربية، وهل ينسى أهل البارجيات وزعرته والقنعبة، نهر البارجيات الذي كان يذهب الى فلسطين المحتلة أمام أعين حكوماتنا، وهل ننسى كفر حارب الغافية على كتف بحيرة طبريه، وماذا نقول عن خسفين والعال وحيتل وكفر الما والياقوصة التي كانت تدافع عن أهلها بمدفعية تحدث عنها العدو قبل الصديق ، من منا لايذكر المدينة المنسية عاصمة الجولان، ولنا فيها نحن الطلبة حكايات وحكايات.واحسرتاه على تلال تحكي لنا بطولات الأولين ، تل أبو الندى تل الجابية تل الفرس تلول الحمر لو قام أولي الأمر بتحصين الجولان مثل ما نراه اليوم من قبل أعدائنا بالداخل والخارج لما سقط عريس سورية ورمز من رموز العزة والفخار
*********************
ذاكرة جوفاء ...
جيل متعب ،أرهقته السنون بانكساراتها وهزائمها، جيل وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر وفلسطين لنا وبلاد العرب أوطاني ، جيل لم يترك لحاضره سوى لمع السراب وذاكرة جوفاء تنز دماً ، وأمة مخصية غير قادرة على الإنجاب ، يلفها تاريخ أسود يحجب عنها ضوء المعرفة ، تبيع الله في أسواق السياسة ، تزين لها أكاذيب السلف على أنها هي الحقيقة ولا حقيقة غيرها ، تجتر محنتها وتبحث عن الفتن فأصبحت ظل بلا رقم ، أمة ثكلى وهي تبتسم ، المهلهل قاتل من أجل وصية أربعين عاماً، واستغاثة إمرأه من أجلها زحفت جيوش جرارة بقيادة المعتصم ، ويحكم ماذا أصابكم بين الأمم ،الأخ يقتل أخيه والأبن يقتل أمه والجار يقتل جاره كالعيس في الصحراء قتلها الظمأ فلا ماء أدركت ولا الى بلاد الحضر وصلت .٢١ / ٨ /٢٠١٧
*********************
خيبات هذه الأمة ..
خمسون عاماً تتساقط كأوراق الخريف الصفراء، خمسون عاماً تسقط من عمر طفل رضيع ولد بالأمس، خمسون عاماً تنتهك حرمات الأمة البائسة، سقط الجولان من إذاعة دمشق قبل أن يسقط الشريط الشائك المرسوم بين فلسطين وسوريه ، فجأة يحمل الجولانيون أمتعتهم الخفيفة وكأنهم على موعد مسبق، غادر الجولانيون قبل أن يصل العدو الى أي قرية في الجولان وكان النزوح سهلاً مريحآ على أهله وعلى العدو ، ومن يشاهد أبناء الجولان الكرام وهم يتصارعون على بطانية أو وجبة طعلم يعتقد أن هؤلاء القوم ليسوا أبناء الجولان الذي كان يطعم دمشق والقنيطرة من الخضار والفواكه .النزوح الجرح الذي لايندمل، ولكن يجب أن نعترف بعد خمسين عاماً ، ذهب الجولان رخيصاً رخيصاً جداً، لم يدافع عنه أحد تركوه لمصيره، فتباً لمن كان شريكآ في سقوطه، والأقسى والأمر أنه لا يزال حزيناً على أهله الذين هربوا مع ؟؟ إن كل ما يحدث في بلادنا العربية بدأ منذ عام 1967 وبسبب خيبات هذه الأمة التي تعيش ومنذ نكبة فلسطين في أسوأ حالاتها
*********************
أنا أم الحضارة ..
سألتها من تكونين، قالت جهلك في التاريخ يمنعك من معرفتي، أنا الأرض التي عبر فوقها ست وثلاثون حضارة أنا أم التاريخ، أنا أم الحضارات، ضفائري ذهبت بعيداً بعيداً في عمق الوجود وعيوني تحرس أمجاد أمة لن تموت، على أبوابي يقف فارس نبيل وبيده سيف الحق والكرامة منذ آلاف السنين، وضيوفي من خيار القوم يبنون ويزرعون ويأكلون من ثمري ويطعمون، الى أن خرج من أعماق الأرض بلاء عظيم دمروا البناء ، وأفقروا العباد وقتلوا الشجر والثمر ، جاؤوا بثقافة لا أعرفها حملوها من صحراء نجد ويحكمون على تاريخي بأنه مرتد وكافر ويكتبون تاريخاً ملطخاً بدماء الأطفال والشيوخ وخيرة شبابنا، القادم من الصحراء لا يبني حضارة مجيده ،القادم من الصحراء يريد الأرض كلها صحراء وهذه صفات الحاقدين الحاسدين١٤ / ٤ /٢٠١٧
*********************
بعض النباتات البرية التي كان يتناولها أهل عين فيت في طعامهم حسب الفصول
رجل العصفورة، حرطمنه، شمره، حربصيص، علت يعني هندبي، دردير، خبيزه، كف الدب، سلبين، حلب لوب، عليق، فطر، الرشيد البري، خرنوب، بلوط، دوم، قطيفه، توت
الملوخية لم تكن معروفه في عين فيت رغم وجودها في البرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق